سورة النحل - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


{وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35)}
هذا من جملة ما عدّد من أصناف كفرهم وعنادهم، من شركهم بالله وإنكار وحدانيته بعد قيام الحجج وإنكار البعث واستعجاله، استهزاء منهم به وتكذيبهم الرسول، وشقاقهم، واستكبارهم عن قبول الحق، يعني: أنهم أشركوا بالله وحرّموا ما أحل الله، من البحيرة والسائبة وغيرهما، ثم نسبوا فعلهم إلى الله وقالوا: لو شاء لم نفعل، وهذا مذهب المجبرة بعينه {كَذَلِكَ فَعَلَ الذين مِن قَبْلِهِمْ} أي أشركوا وحرموا حلال الله فلما نبهوا على قبح فعلهم ورّكوه على ربهم {فَهَلْ عَلَى الرسل} إلا أن يبلغوا الحق، وأن الله لا يشاء الشرك والمعاصي بالبيان والبرهان، ويطلعوا على بطلان الشرك وقبحه وبراءة الله تعالى من أفعال العباد، وأنهم فاعلوها بقصدهم وإرادتهم واختيارهم والله تعالى باعثهم على جميلها وموفقهم له، وزاجرهم عن قبيحها وموعدهم عليه.


{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)}
ولقد أمدّ إبطال قدر السوء ومشيئة الشر بأنه ما من أمة إلا وقد بعث فيهم رسولاً يأمرهم بالخير الذي هو الإيمان وعبادة الله، وباجتناب الشر الذي هو طاعة الطاغوت {فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى الله} أي لطف به لأنه عرفه من أهل اللطف {وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضلالة} أي ثبت عليه الخذلان والترك من اللطف، لأنه عرفه مصمما على الكفر لا يأتي منه خير {فَسِيرُواْ فِي الأرض فانظروا} ما فعلت بالمكذبين حتى لا يبقى لكم شبهة في أني لا أقدّر الشر ولا أشاؤه، حيث أفعل ما أفعل بالأشرار.


{إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37)}
ثم ذكر عناد قريش وحرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على إيمانهم، وعرّفه أنهم من قسم من حقت عليه الضلالة، وأنه {لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ} أي لا يلطف بمن يخذل، لأنه عبث، والله تعالى متعال عن العبث؛ لأنه من قبيل القبائح التي لا تجوز عليه. وقرئ: {لا يُهدَى} أي: لا تقدر أنت ولا أحد على هدايته وقد خذله الله. وقوله {وَمَا لَهُم مّن ناصرين} دليل على أنّ المراد بالإضلال الخذلان الذي هو نقيض النصرة. ويجوز أن يكون {لاَّ يَهِدِّى} بمعنى لا يهتدي. يقال: هداه الله فهدى. وفي قراءة أبيّ {فإنّ الله لا هادي لمن يضل، ولمن أضلّ}، وهي معاضدة لمن قرأ {لا يهدي} على البناء للمفعول. وفي قراءة عبد الله: {يهدي}، بإدغام تاء يهتدي، وهي معاضدة للأولى. وقرئ {يضل} بالفتح.
وقرأ النخعي: {إن تحرص}، بفتح الراء، وهي لغية.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11